الأربعاء، 15 يوليو 2009

~( اقتلوه.. فتحيا بذلك أجيال )~

،،
،،

ما كنتُ أتخيل أن أكتب يوماً مقالاً أطالب فيه بقتل أحد، ناهيك عن أن أطالب بقتل ابن بلادي وهو في ريعان الشباب، لكن جريمة قتل بنات الرياض قد هزتني بعنف وأورثتني الكثير من الخوف على الدين والوطن.
فالشاب الذي قرر أن يأخذ الحق بيديه حين أقدم على قتل الطفلتين (ريم ونوف) على مرأى ومسمع من العالم وبدم بارد لا يستحق إلا أن يُقتل لأنه أجرم في حق الله وحق أختيه وحق الوطن بدافع الثأر للشرف!
ثم لو أن جريمة الزنا قد ثبتت على أختيه لكانتا قد حولتا إلى المحكمة الشرعية، ولم تكونا لتسلما إلى أهليهما بهذه السهولة، مما يعني أنهما بريئتان من هذه الكبيرة على الأقل.
أما الخلوة المزعومة بل وحتى القبلة والضمة فليس فيها حد (رغم أنها خطأ وحرام من دون لبس)، فبالتالي لا يستحقان عليها حتى حد الجلد ناهيك عن القتل، وإنما تُقرر على "كل" الأطراف عقوبة مناسبة.
أي شرف كان يدافع عنه هذا المجرم؟
هل الشرف محصور بين أفخاذ المحارم من النساء في حين أنه لا يمس الرجال بشيء؟
وكأن البنات اللاتي يخطئن يفعلن ذلك وحدهن وليس مع شباب ورجال من المجتمع نفسه.
لماذا يظل الرجل طفلاً مغفور الذنب ندعو له بالهداية حتى الأربعين في حين أن المرأة راشدة منذ العاشرة من عمرها؟
وأي مجتمع هذا الذي علّم أفراده هذا التعريف القاصر للشرف وللطهر؟!
أين شرف الذين يسرقون ويكذبون ويشهدون زوراً ويغتصبون ما ليس لهم من أموال وأملاك؟
أين الشرف فيمن يضرب الخدم ولا يعطي عماله رواتبهم؟ أين الشرف لأولئك الذين يستخدمون الدين لأغراض دنيوية؟
أين شرف من يعقون أبويهم أو يعضلون بناتهم؟
أي شرف من يعذب الأطفال ويقتلهم؟
لماذا لم يتعرض لهؤلاء أحد؟
أضاقت البلاد إلا على طفلتين بعمر ريم ونوف..ربما تكونان قد أخطأتا، وأقول "ربما" لأنني أعرف أن هناك حالات حقيقية تم فيها إيقاف بنات أو شباب وأجبروا على التوقيع على اعترافات دون أن يثبت شيء.
جرائم الشرف هذه نجدها أكثر ما تكون انتشاراً لدى المسلمين الأكثر بعداً عن شرع الله، وفي أكثر الدول الإسلامية سكاناً والعلمانية حكماً.
وهناك دول استطاعت أن تقيم علاقات كاملة مع الكيان الصهيوني كالأردن ولكنها لم تستطع أن تلغي قوانين جرائم الشرف إلا بعد سنوات طويلة (صحيفة أوان الكويتية الأحد 12/7/2009 العدد: 598) والتي تعطي القاتل حكماً مخففاً بالسجن سنة واحدة ومع وقف التنفيذ أحياناً.
لماذا؟
لأن العشائر العربية كانت تعترض بشدة على إلغاء هذا القانون، في حين أن هذه العشائر لم تتحرك لتمنع السلام مع العدو أو تمنع سياحة بناته المتحررات في بلادهم!
وحتى المسلمين الذين اختاروا أن يعيشوا في بلاد " الكفار" حملوا معهم فكرة الشرف المريضة هذه وراحوا يقتلون بناتهم في ألمانيا وبريطانيا وغيرها.
ولكن في بلاد " الكفار" إياهم، فإن القانون لا يرحم هذه الجرائم ولا يبررها، لأنه ينظر للناس على أنهم سواسية، فيلاقي هؤلاء القتلة والجهلة جزاءهم.
وإذا كانت جريمة القتل وحدها مفزعة ومزعجة، فإن الأكثر إزعاجاً هي هذه التعليقات والتي تصدر من شرائح معينة من المجتمع والتي تبارك هذا القتل أو تبرره، أو تكتفي بالحوقلة والحسبنة والدعاء بالستر على أعراضهم.
وواحد من أسوأ التعليقات التي قرأتها في جريدة الوطن قول أحدهم إن الغيرة عندنا عظيمة والرجل مستعدٌ أن يهوي سبعين خريفاً في النار مقابل الثأر لشرفه!
وأمثال هذا الرجل يجدر بهم أن يتوبوا أو يستتابوا لأن ما يقومون به يخرج عن الملة، لأنه "من أعتقد أن مَن اعتقد أن حكم غير الله مساو لحكم الله، أو أحسن، أو أنه يجوز التحاكم إلى غير الله فهو كافر" (الشيخ محمد بن عثيمين، القول المفيد في كتاب التوحيد).
أما الفئة الأكثر إثارة لسخطي فهي تلك التي تلوي ألسنتها بكلامٍ لنحسبه كلام الله وتستشهد بالإسلام لتقف مع القاتل وتبرر فعلته، ولترمي بالتهمة على الليبراليين والعلمانيين دون أن تفكر بأن تشير للمسؤول الحقيقي وهو الثقافة الذكورية الجاهلية.
وكم أتمنى ولو لمرة واحدة لو يقف هؤلاء المتدينون المزورون مع ضمير الناس ومع المرأة وحقها في الحياة الكريمة.
فإن اغتصبت (قضية فتاة القطيف) فهي المجرمة لأنها خرجت من بيتها أصلاً، وإن ضربها زوجها بعنف (قضية رانيا الباز) فأكيد أن لديه سبباً قوياً، فالمرأة لديهم مجرمة على طول الخط.لطالما كنت فخورة بأننا في السعودية ليست لدينا ظاهرة جرائم الشرف لأن الشريعة هي التي تحكم، وهي التي تحفظ الدماء والأعراض بعون الله.
ولذلك أناشد كل المسؤولين في الجهاز القضائي ألا تأخذهم رحمة بهذا الشاب، فحتى إن عفا أولياء الدم فيبقى حق المجتمع الذي روعته هذه الجريمة وشهد استباحة شوارعه بالأسلحة على هذا النحو، ويبقى حق النساء كل النساء في بلادنا بأن يشعرن بالاطمئنان بأن دماءهن ليست رخيصة وبأن قاتلهن -بإذن الله- مقتول.
وإلا ستنهال الجرائم واحدة تلو الأخرى مظنة الشبهة كما يحصل في الأردن التي قتلت فيها العام الماضي فقط 17 امرأة (جريدة الرياض، 14 مارس 2009) فيما يسمى بجرائم الشرف، وفي ذلك أيضاً تطهير للشاب من جريمته التي تعد من الكبائر.
قضية (ريم ونوف) لا يجب أن تمر مرور الكرام، ولا بد للمجرم أن يعاقب، فربما أننا خذلنا ريم ونوف ولكن علنا بذلك ننقذ فاطمة وأمل وعبير وحنان وكل زهرات بلادي.
،،
،،
مرام عبدالرحمن مكاوي
::::::::::::::::::::::::::::::::::
لا فض فوك
الأخت الفاضله والكاتبة بجريدة الوطن السعودية
أجمل ما قرأت حقاً بخصوص قتل الشقيقتين رحمهما الله تعالى وأسكنهما جنات النعيم
آمــين
،،
وكما أقول دائماً
،،
((قـــول الـحــق أولــى أن يـقـــال))

هناك 8 تعليقات:

PRINCESS يقول...

أخي الكريم

المقال الذي وضعته مقال رائع و تحدثت فيه الكاتبة عن الموضوع بحرفية كبيرة حيث غطت جميع الحادثة

بالنسبة للحادثة

فقد أفزغت قلبي و لم أكن اتوقع لمجرد التوقع أن يحدث مثل ذلك في بلد يحكم بشرع الله و لا يرضى بغيره حكما

أرى بأنه حان للهئية أن يتركوا الأسلوب المتبع عند القبض على فتاة في خلوة أو غير ذلك
فعندما يسلمونها لدار الرعاية أو السجن فهم بذلك يكونون قد دمروا مستقبل هذه الفتاة و حكموا عليها بالاعدام و دمروا أسرتها حتى إن سامحتها


أما بالنسبة لنظرة المجتمع للشرف ففيها من الاجحاف مالله به عليم

فالفتاة هي دائما مصدر العار
و الشاب يسرح و يمرح على مرأى و مسمع من الناس و لا أحد يلومه و عندما يقرر الزواج ترحب به البيوت بمبدأ (لما يكبر يعقل)
و هناك من يسافر في مثل هذا الوقت من السنة و يعيث في الأرض فسادا من علاقات محرمة و شرب للمسكرات و الناس تدعوا لهم بالهداية

فعلا جاهلية قاتلة



أخي الكريم سامحني على الإطالة و لكن الموضوع استفزني كثيرا و الظلم الذي فيه يكاد يخنقني

ربنا يصلح الحال و يهدينا جميع لما يحبه و يرضاه من القول و الفعل


لك الشكر و التقدير العميق

اااالـســبـيـعـــــــيR يقول...

بالنسبة للحادثة

فقد أفزغت قلبي و لم أكن اتوقع لمجرد التوقع أن يحدث مثل ذلك في بلد يحكم بشرع الله و لا يرضى بغيره حكما

:::::::::::::::::::::

أختي الفاضله
Princess
..
..
لك كل التقدير لتشاركيني إحساسك الثأر..
،،
وأصدقك القول أن لله تعالى بموت هاتين الشقيقتين لحكمة لا يراها إلا هو سبحانه..
فقد يكون بموتهن رحمة وعظه لأفكار وأنظمة حان لها أن تتغير وتخلع عنها ثوب العشوائيه وأخذ الناس بالشبهات..
فنحنُ شعوباً لا نخضع لقول المنطق لمحكاة أمورنا الإنسانية!!
بل على العكس لا بد من ظهور المرض على السطح لكي تراها عقولاً جبلت على التكذيب وغشاوة العمى؟؟!!
،،
فسأل الله تعالى أن يكون بموتهم رحمةً لهن ولمن يأتي بعدهم
بدفع ظلم لا يستوي مع جنس العمل..
،،
،،
،،
أختي الفاضله
لك جل شكري وتقدير العظيم

فهد سلمان الفراج يقول...

مقال رائع وإختيار موفق ومن وجهة نظري أن هذه الجريمه بالرغم من بشاعتها إلا أنها ليست مستغربه الحدوث نظراً لمبرراتها حسب رؤية الشاب الشقيق للفتاتين والذي هو أيضا ضحية تنشأه معينه وثقافه إجتماعيه سائده مع الأخذ بالإعتبار صغر سن الشاب حيث أن ذلك يجعله أكثر إندفاعاً وأقل قدره على تقييم عواقب الأمور ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ينحصر في ملابسات ضبط الفتاتين وهل بالفعل وقعتا في المحضور بالإضافه إلى كيفية إعادة النظر في التعامل مع مثل هذه الحالات وإنهائها من الحهه الضابطه مباشرة بتسليم الفتاه إلى ذويها وخاصة إذا كان الخطأ يحدث لأول مره ومن قبل فتاه صغيره في السن ولم يتجاوز الأمر اللقاء ...أكتفي بهذا القدر والحديث في مثل ذلك يطول وذو شجون،،،،،

غير معرف يقول...

الاخ/السبيعي ..
اتعجب .. ويعتصر قلبي خوفاً من القادم ..
كيف يحدث هذا من ابن البلد ..
لا اخفيك بان الحادثة زلزلتني ولم استطع استيعاب تفاصيلها ..
اصبحنا في مأساة لا نُحسد عليها ..
.
.
القضيه مرعبه حد البكاء ..
.
.
حفظنا المولى من امثال ذاك الوغد الذي لا يرضيني فيه الا القتل تعزيراً ..
.
.
احساس رسامه ..
.
.

اااالـســبـيـعـــــــيR يقول...

الأستاذ الفاضل
فهد الفراج
::
:
أسطر سطرتها فـ جاز لها الصميم مقراً وسكونا
إضافة من قلمك والتي كان لها الإمتداد الصادق للمقال..
،،
،،
فمرحباً بك وبقلمك الذي يغريني لتتبع ما قد يكتبه من حرف لا يأتي بها إلا أنت ومن كان للحق مطالباً..
فشكراً جزيلاً لك

اااالـســبـيـعـــــــيR يقول...

أخـتــي
احساس رسامه
::
:
لكِ التعجب والعجب
فمن منا لا يعجب لزمن إختلال الموازين وفرض العقوبات على هوى من أراد تطبيق الحكم بيده!!
،،
وكما قلتِ
حفظنا المولى من امثال ذاك الوغد الذي لا يرضيني فيه الا القتل تعزيراً ..
اللـهــم آمــيـن
،،
،،
لك جل الشكر والتقدير لمشاركتي المقال

ملح الحياة يقول...

انا جداااا حزينة على ما حدث وتصور اني قرأت المقال قبل ساعات وجلست اتفكر في حال البنتين يا الله ما هذه البشاعة...ولكن اذا كنت في العالم العربي وخصوصا بعض القبائل المتعصبة والتي توجد بكثرة في السعودية وايضا خارج السعودية فتوقع كل شيء.
اعتصر قلبي وجعا وعادت تفاصيل تلك القصة الى مخيلتي انها احد قريباتي (عمتي)قتلت تحت نفس الدريعة والقاتل هذه المرة زوجها...دخل السجن لسنوات وخرج ليسرح ويمرح ويتزوج وينجب اطفال...كان الظلم واضح لكن لم يكن احد قادر على رده...مرات كثيرة خصوصا عندما استعيد تفاصيل القصة واسمع عن مثل هده الحوادث ينتابني الخوف على نفسي وعلى غيري.
الى متى يا اخي؟
كنت اعتقد قد انتهى وأد البنات في الجاهلية الاولى لكن في ما يبدو هناك جاهلية ثانية.

اااالـســبـيـعـــــــيR يقول...

أختــي الـكــريـمــة
مـلــح الـحـيـــاة
::
:
أولاً مرحباً بك بمدونتي المتواضعة
وبخصوص مداخلتك فقد أثار هاجسي الكلمات التالية
(( اعتصر قلبي وجعا وعادت تفاصيل تلك القصة الى مخيلتي انها احد قريباتي (عمتي)قتلت تحت نفس الدريعة والقاتل هذه المرة زوجها...دخل السجن لسنوات وخرج ليسرح ويمرح ويتزوج وينجب اطفال ))
،،
رحم الله تعالى عمتك وأسكنها فسيح جناته آمــين
أختي قد تستغربي قولي هذا لكن هو بالفعل الحق الذي لا ينكره عاقل وهو الموت الذي قد يكون رحمة من عنده سبحانه،
لمن كانت تحت ظل القسوة وتعذيب المتعمد ومن غير وجه حق فتجعل من النفس الإنسانية نفس غير سويه قد ترتكب ما يبرر لها الإنتقام من كان للشرف ومصوغاته جاهل!!
،،
وبخصوص وأد البنات وإنتقاص إنسانيتهم لا تختص بزمان أو حقبه زمنيه معينة فقد تكون الخلفيات التي يتبناها أي مجتمع إتجاههم تكون سبباً للإحتقان وعدم الإتزان إتجاه أي قضية تختص بهذا المحذور من قبلهم؟!
،،
،،
أختي ملح الحياة أشكر لك مشاركتي المقال